Thursday, September 4, 2014

ملك الغابة


ظل وقتا طويلا محاولًا استيعاب ما حدث، فهو يعلم جيدًا أن ذلك سيؤرقه الليالى القادمة، ستمر عليه كما يمر الوقت على حارس بناية قديمة لا يجد أحد لاقتحامها سببا، فتظل كحالها لأعوام، ويظل الحارس كحالها .. لأعوام.


يعلم جيدًا أنه سوف يقتل نفسه على فعلته أياما وأسابيع، لن يسامح نفسه مهما تغيرت الأزمان وتناوبت عقارب السنين لتلك الساعة التى تدون تفاصيل رحلته فى الحياة، منتظرة توقف قلبه لتتوقف معها قلوب عقاربها، فتسقط بدون روح ناهيةً كل أمل فى أن ينبض قلبه متناغما مع قلبها، يصنعان معا معزوفة كانت بمثابة سجادة سندباد التى ستنقله معها فى رحلة عبر الزمن.

زمن كان قد رسمه وهو يعلم كم هو بعيد، كان يعلم جيدا أن من المستحيل أن يعيش ملك الغابة بكل ما يملك من سطوة ونفوذ فى غابته التى لا يسرى عليها سوى قانون الغابة فى حوض من أسماك الزينة التى يرتسم ظهورها ألوان تجعل المكتئب يرقص فرحا.

أسماك الزينة كائنات لها من يحميها، تعيش فى عالم بعيد كل البعد عن غابة يجب أن تعشق طعم الدماء حتى تترك بصمتك، حتى لا يأخذ غيرك مكانك، حتى لا يصير أسمك حروفًا منقوشة على حجر يصنع من الرخام الفاخر يزين قبرا يحمل قلبا لطالما كان أسده حالما، ولكن لا يسلم الحالم فى زمانه ولا يتحمل التنفس تحت الماء مع أصحاب الزينة.

يرشد الحجر الرخامى كل من يراه إلى قبر قلب أسد كان كل حلمه أن ينال قلب سمكة تملكت منه تملك الألم فى مريض لازم سريره أكثر مما لازم عمله، تملك المرض منه لتتحول إلى هلوسات ناتجة عن ارتفاع درجة حرارة القلب فأصبح يصيح بتلك النبضات الغير مفهومة، لتتعجب من تصرفاته الغير مفهومة باقى أعضاء جسده فيصدر العقل إشاراته بوقف هذا الخلل فى النظام الذى وضعه بكل حزم ولا يجرؤ أحد على مخالفته.

كان مصير القلب كغيره من الأعضاء التى خالف نظامٍ وضعه العقل بحثا عن استقرار بداخل جسدٍ تملاؤه أمراض عفى على زوالها زمن شهد من هذه القصة روايات يختلف قلوب أبطالها ولكن لا تخرج دائما عن سيناريو واحد يحمل نفس الأحداث بتلك النهائة المأساوية .. التى سوف تتغير!